من آثار المدرسة الحداثية المتأسلمة المغاربية التي بدأت منذ أواخر السبعينيات تعظيم شأن ابن خلدون ، وابن خلدون شخص كبير ، ولكنه أكثر مناسبة لتمرير مشروع حداثي عمراني مدني ـ حسب الاصطلاح الفائق لإبراهيم السكران ـ من غيره من المصلحين الإسلاميين كابن تيمية مثلا .
وباستثناء أبي يعرب المرزوقي الذي يتعامل مع ابن تيمية في برجماتية مذهلة ، حين يصفه بالعظمة والعبقرية ليستمد منه مشروعه النهضوي العظيم في إبطال منطق أرسطو والتمهيد لمنطق تجريبي ، لا تجد نظرا لمشروع كامل لابن تيمية ، يقوم على الرجوع لأصل الإسلام ، وتعظيم الدور القيادي للرسل .
تطبيق :
الإنسان مدني بالطبع ، والاجتماع الإنساني ضرورة ، ذلك السبق المذهل الذي لم يدع ابن خلدون نفسه أنه اكتشفه ، أو له الفضل في صياغته ، ليس في قوة ولا تكامل المثال التيمي الشهير على اجتماعية الإنسان وأنه كأسراب القطا ، بما في ذلك من عمق تحليلي لمعنى اجتماعية الإنسان ومدنيته ، قبل ابن خلدون بمائة سنة تقريبا .
لا جرم ، ابن العربي المعافري المالكي ـ الإشبيلي ـ ، قال في المحصول : ( لما كَانَ الْإِنْسَان مدنيا بالجبلة مفتقراً إِلَى الصُّحْبَة بِالضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ خلق خلقا لَا ستقل بمعاشه وَلَا يستبد بمنافعه بل هُوَ مفتقر فِي ذَلِك إِلَى غَيره وَكَانَ ذَلِك الْغَيْر إِمَّا مجتمعنا مَعَه وَإِمَّا مبايناً عَنهُ وَالْمَنْفَعَة الَّتِي يفْتَقر إِلَيْهَا إِمَّا حَاضِرَة وَإِمَّا غَائِبَة ) ، ثم واصل في كلام مهم عن علاقة الإنسانية بالظاهرة اللغوية ، في إرهاص غريب بعلم الاجتماع اللغوي الحديث .
وهو قبل ابن خلدون بنحو ثلاثمائة سنة !
تعليقات
إرسال تعليق