التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دين ودنيا


تُشتق كلمة "قرآن" من المصدر "قرأ"، وأصله من "القرء" بمعنى الجمع والضم، يُقال: «قرأت الماء في الحوض»، بمعنى جمعته فيه، يُقال: «ما قرأت الناقة جنينًا»، أي لم يضمَّ رحمها ولد. وسمى القرآن قرآنًا لأنه يجمع الآيات والسور ويضم بعضها إلى بعض.وروي عن الشافعي أنه كان يقول: «القرآن اسم وليس بمهموز ولم يؤخذ من قرأت، ولكنه اسم لكتاب الله».] وقال الفرّاء: «هو مشتق من القرائن لإن الآيات منه يصدق بعضها بعضا، ويشابه بعضها بعضا وهي قرائن». و"القرآن" على وزن فعلان كغفران وشكران، وهو مهموز كما في قراءة جمهور القراء، ويُقرأ بالتخفيف "قران" كما في قراءة ابن كثير.] ويعادل مصدر الكلمة في السريانية كلمة "قريانا" والتي تعني "قراءة الكتاب المقدس" أو "الدرس". ورغم أن معظم الباحثين الغربيين يُرجعون أصل الكلمة إلى الكلمة السريانية، إلا أن غالبية علماء المسلمين يرجعون الكلمة إلى المصدر العربي "قرأ". وعلى كل حال، فقد أصبحت الكلمة مصطلح عربي في زمن النبي محمدومن معاني الكلمة المهمة فعل القراءة نفسه.قال العلاّمة الطبرسي: «القرآن: معناه القراءة في الأصل، وهو مصدرُ قرأتُ، أي تَلَوْتُ، وهو المَرْوِي عن ابن عباس، وقيل هو مصدرُ قرأتُ الشيء، أي جَمَعْتُ بعضهُ إلى بعض»] للقرآن أسماء أخرى كثيرة، تمت الإشارة إليها في القرآن نفسه مثل "الفرقان" و"الهدى" و"الذِكر" و"الحكمة" و"كلام الله" و"الكتاب"، وقد أفرد المؤلفون في علوم القرآن فصولاً لذكر أسماء القرآن ومعانيها. وأفرد بعضهم كتبًا مستقلة في بيان أسماء القرآن وصفاته.أما مصطلح "المصحف" فيُستخدم عادةً للإشارة إلى النسخ المكتوبة منه، إذ لم يكن لفظ المصحف بمعنى الكتاب الذي يجمع بين دفتيه القرآن في بادئ الأمر، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن بعد أن جمعه أبو بكر الصديق فأصبح اسمًا له. يُقال للقرآن فرقان، باعتبار أنه كلام فارق بين الحق والباطل، وقيل لفصله بحجّته وأدلته وحدوده وفرائضه وسائر معاني حكمه بين المحق والمبطل، وفرقانه بينهما تبصرة المحق وتخذيله المبطل حكمًا وقضاءً، كما ورد في سورة الفرقان Ra bracket.png تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا  La bracket.png، ويُقال له الكتاب إشارة إلى جمعه وكتابته في السطور، وذُكر على أنه "الذِكر" في سورة الحجر: Ra bracket.png إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  La bracket.png، والمقصود به أن هذا القرآن الذي أُُنزل على محمد ذكر لمن تذكر به، وموعظة لمن اتعظ به، ويقول بعض المفسرين أيضًا في معنى الذِّكر أنه يحتمل أمرين، أحدهما أن يريد به أنه ذكر من الله لعباده بالفرائض والأحكام، والآخر أنه شرفٌ لمن آمن به وصَدَّقَ بما فيه.يقول علماء القرآن والتفسير أن الأسماء والألقاب العديدة للقرآن يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات:
مطلع سورة يونس يسمي القرآن بـ"الكتاب الحكيم".
  • المجموعة الأولى؛ وهي طائفة من الأسماء التي تشير إلى ذات الكتاب وحقيقته، وهي الأسماء التالية: الكتاب Ra bracket.png تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ  La bracket.png، القرآن Ra bracket.png إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا  La bracket.png، كلام الله Ra bracket.png وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ  La bracket.png، الروح Ra bracket.png وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  La bracket.png التنزيل Ra bracket.png وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ  La bracket.png، الأمر Ra bracket.png ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا  La bracket.png، القول Ra bracket.png وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ  La bracket.png، الوحي Ra bracket.png قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ  La bracket.png.
  • المجموعة الثانية؛ وهي الطائفة التي تشير إلى صفات القرآن الذاتية، وذلك كالأسماء التالية: الكريم Ra bracket.png إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ  La bracket.png، المجيد Ra bracket.png بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ  La bracket.png، العزيز Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ  La bracket.png، الحكيم والعليّ Ra bracket.png وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ  La bracket.png، الصدق Ra bracket.png وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ  La bracket.png، الحق Ra bracket.png إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  La bracket.png، المُبارك Ra bracket.png كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ  La bracket.png، العَجَبُ Ra bracket.png قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا  La bracket.png، الْعِلْمِ Ra bracket.png وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ  La bracket.png.]
  • المجموعة الثالثة؛ وهي الطائفة التي تشير إلى صفات القرآن التأثيرية، التي تشير إلى علاقة القرآن بالناس، وهي الأسماء التالية: الهدى Ra bracket.png ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ  La bracket.png، الرحمة Ra bracket.png هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ  La bracket.png، الذِكر Ra bracket.png وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ  La bracket.png، الموعظة والبيان Ra bracket.png هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ  La bracket.png، الشفاء Ra bracket.png وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا  La bracket.png، التذكرة Ra bracket.png كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ  La bracket.png، الْمُبِينِ Ra bracket.png تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ  La bracket.png، البلاغ Ra bracket.png إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ  La bracket.png، البشير والنذير Ra bracket.png بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ  La bracket.png، البصائر Ra bracket.png هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ  La bracket.png، النور Ra bracket.png يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا  La bracket.png، الفرقان Ra bracket.png تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا  La bracket.png.
وقد تباين العلماء في عدد أسماء القرآن، فذكر الزمخشري في تفسيره للقرآن اثنين وثلاثين اسمًا،[] وعدّها بعضهم سبعة وأربعين اسمًا، وقال القاضي أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك: "أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسين اسمًا"، وصنف الحرالي جزءًا وأنهى أساميه إلى نيف وتسعين.
هذا في اللغة، وأما تعريف القرآن اصطلاحًا فقد تعددت آراء العلماء فيه وذلك بسبب تعدد الزوايا التي ينظر العلماء منها إلى القرآن، فقيل: «القرآن هو كلام الله العزيز والنص الإلهي المنَّزل بواسطة الوحي على رسول الإسلام وخاتم النبيين محمد بن عبد الله بلغة العرب ولهجة قريش، المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز ولو بسورة منه، وهو المعجزة الإلهية الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى وهو الميراث الإلهي العظيم والمصدر الأول للعقيدة والشريعة الإسلاميتين».وبعضهم يزيد على هذا التعريف قيودًا أخرى مثل: «المعجز أو المتحدي بأقصر سورة منه أو المتعبد بتلاوته أو الاسم لمجموع ما هو موجود بين دفتي المصحف أو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس». والواقع أن التعريف الأول تعريف جامع مانع لا يحتاج إلى زيادة قيد آخر، وكل من زاد عليه قيدًا أو قيودًا لا يقصد بذلك إلا زيادة الإيضاح بذكر بعض خصائص القرآن التي يتميز بها عما عداه.[


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت