التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشعب الأمازيغي والذي تمتد جذوره آلاف السنين في التاريخ,

لماذا يا عرب نُنسب كل عظماء وحكماء وشرفاء البلاد التي غزوناها وعرّبناها إلى الأمة العربية الواحدة الخالدة, وننكر أصلهم القومي!
لماذا يا عرب نتبرأ من كل حثالات العرب في التاريخ القديم والمعاصر, ونُنسبهم ونُنسب ظاهرتهم إلى الاستعمار قديماً وحديثاً للإمبريالية والصهيونية و...!
لماذا يا عرب نستعمر ونغزو ذواتنا وذوات غيرنا؟
هل هو انعدام الهوية الوطنية أو القومية لدينا؟
هل هو فكر الغزو والسبي الذي ورثنا؟

ما ضرّ العرب لو قالت واعترفت لكل فردٍ متميزٍ , كبيراً كان أم صغيراً بأصله وانتمائه. لماذا لا نكون صادقين مع تاريخنا ومع أنفسنا!

نقرأ في كتاب المنجد في اللغة والأعلام ـ الطبعة الثانية والعشرون ما يلي:
"ابن رُشد (أبو الوليد محمد بن أحمد) (1126ـ1198): فيلسوف عربي وُلد في قرطبة وتوفي في مراكش.....إلخ."
ما الفرق بين "غزوات الغرب الفكرية والحضارية" وبين غزواتنا للبلاد الأخرى في أيام مجد العرب!
إذا كانت الهوية العربية والانتماء لهذه الهوية مهزوز وضعيف, فلماذا ننكر على الآخرين الانتماء لهويتهم!
لماذا نُصدّر للقوميات الغير عربية الغزالي وبن تيمية وابن لادن و..., وننكر عليهم ابن رُشد وابن طُفيل والعشرات من المفكرين الذين هم من أبناء جلدتهم وهويتهم!

نُصدّر لهم الغزالي الذي يقول في كتابه تهافت الفلاسفة "الاشتغال بالعلوم الطبيعية حرام", وننكر على الأمازيغ وعلى أنفسنا ما قاله ابن رُشد "الله لا يُعطينا عقولاً ويُعطينا شرائع مخالفة لها", هذا نتاجنا وذاك نتاجهم!!

الشعب الأمازيغي والذي تمتد جذوره آلاف السنين في التاريخ, والمتواجد في شمال أفريقيا منذ فجر التاريخ, الشعب الأمازيغي الذي أعطى ثلاث أُسر ملكية فرعونية, وأعطى ابن خلدون وابن رُشد, ومنهم الروائي الليبي العالمي إبراهيم عوني, ومنهم المغربي محمد شكري والجزائرية آسية جبّار, والآلاف من العظماء الذين قدّموا لشعبهم وللإنسانية الكثير, هذا الشعب يستحق الاحترام, هذا الشعب يستحق نيل حقوقه القومية المشروعة!

تقول الشاعرة الأمازيغية مليكة مزان ".. ولتذهب الوحدة العربية إلى الجحيم إن كانت تتم عن طريق إبادة الشعوب التي غزاها العرب, وفرضوا وجودهم وثقافتهم عليها.."

أُحييّ الشاعرة الشجاعة والتي تكتب باللغة العربية, لغة مضطهِديك ومضطهدي شعبك, أُحييّ مليكة مزان على تمردها أحياناً وأُقدّر فيها انتمائها الأمازيغي الأصيل, وأنا أُردد معها لتذهب للجحيم أية قوة كانت قومية أو دينية إذا كانت تسعى لمحو أو تهميش الآخر!

من حقكم الدفاع عن قضايا شعوبكم المضطهدة والمهددة بالانقراض والذوبان, ومن واجبنا دعم هذا النضال المشروع لكل الشعوب المضطَهَدة من أمازيغ وأكراد وسريان وآشوريين وكلدان وصابئة ...
غرابة أن نطلب من الذين دخلنا بلادهم تحت أية ذريعة كانت, أن نطلب منهم الذوبان فينا بدل تأقلمنا معهم,
كم بحاجة للأجيال العربية القادمة من الاعتذارات عن تاريخنا وخطايانا وغزواتنا!

إن حال الغزاة قديماً كحال الغزاة حديثاً, وقد صوّر حيدر حيدر في كتابه وليمة لأعشاب البحر أجمل تصوير حين قال "الأرض الواطئة تشرب ماءها وماء غيرها", هل نرتوي يا عرب؟
"يفخر تاريخنا أنه في زمن عثمان قد بيعت الجارية بوزنها ذهباً, فهنا جارية مجلوبة من البلاد المفتوحة سبية أو مخطوفة من تجار الرقيق, وهناك مشترٍ كان حتى الأمس يقتل الآخرين للحصول على رداءٍ أو بعض التمر واللبن, وإن هذا المشتري قد أصبحت ثروته بعد الفتوحات قابلة لفعل متهتك سفيه دفعته لشراء جارية بوزنها ذهباً!
يا ترى ماذا وقع وحدث للبشر في البلاد المفتوحة وللمسلمين من غير السادة العرب المعروفين بالموالي, ناهيك عمّا جرى لأهل الذمة."

إن مأساة الشعوب والقوميات الغير عربية والتي تعيش على أرض أجدادها التاريخي ومن قبل قدوم "الفتوحات العربية" والتي سميناها ما أردنا تبقى غزوات واستعمار, هذه الشعوب والتي صارت "أقليات" ستظل تعيش ناقصة حقوقها ما لم تتحقق دولة القانون والديمقراطية, ما لم تمشي هذه الدول على طريق العلمانية, الطريق الذي يُحرر كل فردٍ وكل شعبٍ من أسرِه وتبعيته سواء كانت قومية أو دينية!

العلمانية هي الحل ليس فقط لأبناء الشعوب العربية من التخلف الفكري والروحي والاقتصادي, بل هي الحل والانعتاق للقوميات والشعوب الأخرى التي تعيش على هذه الأرض.
العلمانية ستكون البديل عن العداء ـ المكشوف منها أو المخفي ـ بين هذه أو تلك من القوميات, ولا أعتقد أنه يمكن وجود عداء بين قوميتين!
العلمانية هي التي ستوحّد المجتمع فعلياً على أساس القانون والحرية السياسية والعرقية والدينية واللا دينية, لأن الإنتماء المشترك سيكون للوطن المشترك.

في المجتمعات التي تتبنى العلمانية في إدارة شؤون الدولة, تكون حقوق كافة القوميات متساوية بغض النظر عن عددها,
إن التنوع الإثني والديني والفكري والروحي لأي مجتمع كان هو غِنى لهذا المجتمع وغِنى لهذه الدولة, ونرى اليوم أن كل الدول المتطورة, فيها من التنوع الإثني ما يُزيد غِنى وثراء هذه المجتمعات.
ماذا يعني أنه في الدول الغربية كافة والتي يوجد فيها العرب, سواء كانوا بضعة آلاف أو بالملايين يستطيعون تعلم اللغة العربية وتدريسها, ويمنع في أكثر الدول العربية على غير العرب ـ وهم أصحاب الأرض الحقيقيون ـ التعلم بلغتهم الأم!

العلمانية, ودولة العلمانية والعلم هي الحل لمشاكل العرب النفسية قبل الاقتصادية والحضارية!
والعلم هو الثروة التي نحتاجها, والنهج العلمي هو السبيل الذي يحدد الطريق, وقمع الثقافة كما يحدث في سوريا, ثمنه باهظ ليس فقط للنظام, بل للبلد وللوطن وللشعب ومستقبله.
ورغم أننا نعرف أن تحصيل العلم ثمنه غالي, لكن حساب تكاليف الجهل أغلى!
الكاتب العربي : د. فاضل الخطيب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت