التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الامازيغ وحقيقة تزوير التاريخ

كثر الحديث مؤخرا عن الامازيغية و اعادة الاعتبار لها باعتبارها مكون و رافد ثقافي اغنى المنطقة المغاربية غنى لا يجادل فيه اثنان 

وهؤلاء عندما يحسبون انفسهم يعيدون للامازيغية اعتبارها ينطلقون من القشور و القشور هنا اقصد بها تلك المؤسسات و المنتديات و الجمعيات التي تتحدث عن الامازيغية و تاريخها العريق من دون الاعتماد على دلائل ووقائع مثبتة تاريخيافسواء تعلق الامر بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية او القناة الامازيغية او الجمعيات المنادية بالامازيغية بل من داخل الحرم الجامعي يحظر المكون الطلابي –الحركة الثقافية الامازيغية- ليدافعوا عن الهوية وتاريخ هم انفسهم يجهلون حقيقته منطلقهم من ذلك مولاي موحند و حركة التحرير التي قادها امير الريف ضد الاستعمار 

ان الامازيغية اشمل و اعمق من مولاي موحند الامازيغية حضارة و ليست أي حضارة شهد لها المؤرخون وفي مقدمتهم المؤرخ الامازيغي ابن خلدون و الذي فند الرأي العربي القائل بوفود الامازيغ من اليمن_1 هذه المذاهب كلها بعيدة من الصواب فأماالقول بانهم من ولد ابراهيم فبعيد اما القول بانهم من ولود جالوت او الصماليق و انهم نقلوا من ديار الشام فقول ساقط يكاد يكون من احاديث خرافية ... اذ اسم ابيهم مازيغ 

ان تكريس هذا الفكر الايديولوجي القائل بوفود الامازيغ من الشام و اليمن يروم من ورائه الرهان و الغرض الايديولوجي للسلطة . هنا نطرق باب التاريخ الذي لا يرحم طبعا و لكن يظل تاريخنا نحن الامازيغ مجهولا او محروقا باحتراق الكتب في مكتبة و خزانة قرطاج و هنا لا يصلنا من التاريخ الامازيغي الا ما كتبه الاوروبيون و الاسبان على وجه الخصوص لانه ببساطة عندما نقف امام التاريخ في المغرب ذلك التاريخ الذي درسته انا شخصيا منذ الابتدائية لحين وصولي المرحلة الثانوية درسنا في تلك المقررات التابعة طبعا للسلطة تاريخ الشعوب الوافدة كالفينقيين و البيزانطيين مرورا لتاريخ شبه الجزيرة العربية وصولا الى بداية الدولة المغربية التي تمت بمجئ ادريس الاول وكأن السكان الذين عاشوا قبل ادريس الاول لا يستحق ان يدونوا في التاريخ او ربما خطأ جاء به التاريخ.-2 ورغم ان التاريخ القديم يمثل 90 في المئة من تاريخ الشعوب و مرحلة اساسية من مسيرتها الحضارية فقد تم تجاهله و اقصاءه و في احسن الاحوال اختزاله و الاكتفاء بالاشارة اليه في رواية التاريخ الرسمي ولم يفسح المجال لاستحضار الممالك الامازيغية مثلا حضورا باهتا في الدرس التاريخي مؤحرا... و التي عرفت اوج ازدهارها مع الملك يوكرتن و يوبا الاول و بوكوس الاول و ماسينيسا 

اذن لماذا نرغم على هظم كتب مزورة و مزيفة؟ و لماذا نجبر على دراسة تاريخ الدولة العباسية و الاموية و الامبراطورية العثمانية و نحن نملك تاريخا وحضارة .ما سجل التاريخ الامازيغي وأدا للبنات او مجالس لمقارعة الخمر و المجون و الفحشاء .يقول سليمان البستاني في شرح الالياذة-3 و قد ابتذل العرب الشعر في وصف الخمرة و منافعها حتى دونت فيها الاسفار كحلبة الكميت و خمريات ابي نواس مع قولهم بعد الاسلام بتحريمها وكأنهم اتخذوا مما يجد البعض من لذتها في هذه الدنيا مع القول بتحليلها في الاخرة وسيلة الى التسامح بالتهافةعلى مدحها حقيقة كما هو شأن المدمنين و مجازا كما سلك ابن الفارض وغيره من المتصوفة 

لا غرو اذن ان نلاحظ سبب كثرة الدعارة في المجتمعات العربية كيف لا مادام ان الاسلام حارب هذه الاشكال تجدهم يقارعون كؤوس الفساد يكفيك قول ابي نواس" دع عنك لومي فان اللوم اغراء 
وداوني بالتي كانت هي الداء 
صفراء لا تنزل الاحزان ساحتها 
..لو مسها حجر مسته سراء 

داوي هذا العربي الماجن بالخمر هذا العربي الذي اجبرنا على دراسة تاريخه و كأنهم شعب الله المختار كلهم بطولات و مفاخر لدرجة كنت فيها احس انني عربية 

قارن هذا التاريخ بتاريخ شيشونق الاول الذي حكم مصر منذ 929ق.م ولاكثر من قرنين من الزمن مما يؤكد ان الامازيغ دخلوا التاريخ قبل نزول الفينيقيين على سواحل بلادهم.اعتقد ان هذه الموضوعات التاريخية الاجدر ان تدرس في المدارس و ليس ابو نواس وشلته المنحرفة المخمرة لان تاريخنا اعرق و اعمق من تفاهات العرب 

هنا اقف لحظة تأمل في الدخول العربي على بلاد تامازغا بدعوة نشر الاسلام .لم يدخل العرب بلاد تامازغا دخولا سندباديا على حد قول رشيد الحاحي و كما قرأناه في الكتب التاريخية و المقررات المجرسية الكاذبة و التي تطعن فيها الابحاث الاركيولوجية و الاكاديمية العلمية .فقد دخل العرب و غزوا بلاد تامازغا دخولا عنيفا مشهرين السيوف في وجه الامازيغ لكن الامازيغ لم يقفوا مكتوفي الايدي بل ناظلوا من اجل ارضهم من منطلق ان نواي الامويين لم تكن صافية فقد اظهروا تعصبا و احتقانا و كرها عظيما للامازيغ و كانوا يعملون على سلب بلاد تامازغا الغنائم و السبايا و ارسالها لامرائهم . اذن الفتح كان مسألة حكم اكثر مما هو مسألة دينية و هذا ما اشار اليه عبد الله العروي -4 كيف سيحكم العرب المغرب و ليس كيف سيعبد المغاربة خالقهم...ولا شك ان اسلام البربر في اخر المطاف لم يعد ان يكون اعتراف بسيادة الخليقة 

لم يكن دخول العرب اذن الى المغرب دخولا نموذجيا او غزوا كتلك الغزوات التي قادها الرسول –ص- و خلفاؤه بل كانت اهدافهم تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب معاناة ابناء بلاد تامازغا. فالعرب وظفوا الدين كوسيلة لاخضاع الناس لاطاعة الحكام . لشدما اتأمل حينما اسمع امازيغيا عن جهل يقول" إو نشين اعرابن أمو نكا" ان مجرد ان يقول امازيغي – نشين اعرابن- فهذا انتصار لسياسة التعريب و اماتة ثقافة و حضارة و هوية تنطق عن نفسها بنفسها 

يستند بعض المؤرخين العاملين لحساب السلطة و العروبة على الاسلام من منطلق ان الدين افيون الشعوب لأعربة الامازيغ و الاستناد الى حقائق و مغالطات ايديولوجية 

البرغواطيون الامازيغ هذه الدولة التي عملت بعض الجهات المميتة للتاريخ الاصلي على تعتيم حقائق تاريخية تخص هذه-5 الدولة التي عملت على امزغة و ترجمة القران الكريم الى الامازيغية يتم تحريفه في بعض الروايات بما يخدم خيارات السلطة السياسية و سعيها لتكريس النموذج الايديولوجي للعروبة و الاسلام 

هكذا يعمل النظام العروبي على طمس و تزييف الحقائق المتعلقة بالامازيغ -6 هذا النزوع العرقي في الكتابة التاريخية لم يكن يسمح لهؤلاء الكتبة تصور تفوق الامازيغ و بروز اعلام من بينهم مما يفسر محاولاتهم تزييف نسب هؤلاء او التقليل من شأنهم 

حتى ان ابن خلدون المؤرخ الامازيغ كان من الصعب ان يستصيغ العرب نسبه الامازيغ و هم في ذلك يحيلون كل الكوارث الى الامازيغ و يتنكرون او يستنكرون لانجازات عظماء الامازيغ 

-7 هذا التحريف و التوظيف الايديولوجي كان هو الورقة الرابحة التي استغلت بشكل مغرض لاقصاء كل ما يرتبط بالامازيغية من فضاء النقاش و التفكير السياسي و الثقافي وعلى مستوى الاشعور الفردي و الجماعي و اقرانها بالتفرقة و النزوع العنصري . وقد كان هذا هو التبرير الذي قام على تحريف التاريخ لخلق اسطورة بهواجس سياسية شكلت الاطار المرجعي الذي تحكم في اقصاء الامازيغية منذ حوالي ثمانين سنة و ابقائها على تخوم الهامش خارج ادارة التداول و التدبير لبسياسي و الثقافي الوطني 

هذه هي حقيقة التاريخ او بالاحرى حقيقة المؤرخين العاملين لحساب العروبة ففي وقت قريب جدا مازالت جراح الريف تنزف نزيفا لم و لن يدمل ابدا ولو بمصالحة وهمية جدا لان المصالحة لن تكون بدفع اموال وهمية للمتضررين و هم بذلك يجبرون الضرر بالله عليكم ماذا تعني لكم سنوات 1984 و غيرها سنوات الحمر و الرصاص سنوات القمع المخزني سنوات القتل و الاغتصاب و التي يخال البعض ان كرامة الامازيغ تساوي دراهم معدودة و صور فلكلورية مهرجانية امام هيئة المصالحة و الانصاف ليقال عن المغرب انه دولة حقوق الانسان و عهد الحسن الثاني لم يقتل سوى 16 امازيغيا فقط فقط فقط -8 وعوض ان يعمل النظام آنذاك على البحث عن سبل امتصاص الغضب الشعبي الذي بلغ اوجه في تلك الفترة فضل مواجهة الاحتجاجات بقوة الحديدو النار-. هذه هي سياسة القمع و الظلم و التقتيل و العقاب الجماعي الذي عاشه الامازيغ.-9 فالقوات النظامية التي حاصرت الريف ارتكبت مختلف انواع الجرائم في حق الساكنة من اغتصاب للنساء و بقر لبطون الحوامل منهن وممارسة ستى انواع التعذيب النفسي و الجسدي في حق العزل الذين تم اقتيادهم الى مختلف مراكز السلطة بالريف 

هذا هو عقاب من يقول بحقه في الاكل و العيش الكريم و انتفاضة الخبز 1984 ماهي الا انتفاضة امازيغية اثبتت حقد العرب على الامازيغ الحقد الذي لا اعلم سببه لليوم 

اذن التاريخ و الامازيغ تم فصلهما كما يفصل الجنين من احشاء أمه فالتاريخ الامازيغي تاريخ مزور و تمت فيه تلاعبات خطيرة جدا جعلت الامازيغي يخلع ايزاره ليلبس الجلباب و الطربوش العربي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت