التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء فسحقا لهمومناااا.

للناس هموم كالجبال يدمع لها القلب قبل العين، ويتوقف اللسان عن الكلام فيفضلون التزام الصمت في أغلب أوقاتهم، يحبون الابتعاد عن الاخرين لأنهم بذلك سيخففون عن أنفسهم ولو بالقليل، فثقل الهموم لا أحد يعلمه إلا حامله، وفي هذه الدنيا ليس هناك إنسان بدون هم يقلق بسببه أو يحزن، كذب من نفى هذا، لكن لو تسألنا يوما عن مصدر أو سبب هذه الهموم كلها، وقتها الجواب سيتعثر في اللسان لأنه لا جواب أكيد، بحيث سنجد أن 80 في المئة  من الهموم التي نحملها على عواتقنا نجهل سببها، لأن الانسان بطبعه يفكر ويتصور دائما الأسوأ، فقليلة هي الأمور التي يتوقع فيها الايجاب وأغلب أموره يفكر فيها بالسلب أولا، فتجده دائما يستبق السلب والتشاؤم، الخوف والقلق، وعلى هذا النحو تتسع دائرة القلق والخوف حتى تسيطر عليه وبذلك تتراكم الهموم نقطة نقطة لتصير غيوما سوداء كبيرة في أذهاننا وعقولنا.
انذاك يصعب التخلص منها من  كثرة صلابتها وقد يصل بنا الحال بسببها إلى أزمة هموم يستعصي علينا حلها، وسنتألم كثيرا لأننا فكرنا فيها يوما بهذه الطريقة ولو كنا لم نقصد، وأخذناها على محمل الجد ونتائجها ستكون بلا شك وخيمة على صحتنا و كذا على سيرنا في الحياة، ستعرقله أكيد ،و ستكون حاجزا قويا يفصلنا عن تحقيق أهدافنا و طموحاتنا لأننا دائما قلقين، غاضبين و وحيدين غارقين في درب من الهموم لا يعد ولا يحصى،فهل تسألنا يوما  ما أغلى شيء فينا؟
أعتقد أن الجواب سيكون هو الصحة،فالصحة من أكبر و أغلى نعمه سبحانه و تعالى علينا فهي من      الضروريات الخمس التي أوصانا عنها ديننا الحنيف وهي ليست ملكا لنا بقدر ما هي أمانة لدينا علينا الحفاظ عليها وحمايتها، لكن يبدو أن كثرة الهم والتوقعات السيئة وظروف الحياة دائما ما يحول أمام ذلك وهل لنا أن نفعل شيئا بغير صحة جيدة؟
أشك،فبدون الصحة سنغدو مجرد جماد لا يصلح لشيء، سوى للمشاهدة، فلماذا إذن نحاول دائما بتصرفاتنا إذائها، لماذا نعقد كل الأمور بدل أن نبسطها ولماذا لا نفكر فيها دائما بالإيجاب؟ لماذا نتوقع دائما الأسوأ أولما ننظر دائما للنقطة السوداء في ورقة كلها بياض، ويا ليت ما توقعناه من سوء يحدث ففي أغلب الحالات لا يحدث وبهذا نكون قد شغلنا أنفسنا بتوقعات خيالية لا وجود لها إلا في عقولنا،لكننا ندفع ثمنها كل يوم من صحتنا ونرهق عقولنا من كثرة التفكير بها،ونشحنها دائما بحمولات سلبية قد تدمرنا يوما بل ستدمرنا أكيد، ستمر علينا الأيام وسنكتشف مع الزمن أننا حملنا ما لا طاقة لنا به دون أن يرغمنا أحد عليه، سنكتشف ذاتيا وبما أننا بكينا على اللبن المسكوب وسنكتشف أننا لم نعش كما نتمنى ولم نرى الحياة كما نحن نريد لأنه بكل بساطة نراها دائما فيصورتها الضيقة وننسى المثل القائل:
"اضحك يضحك العالم معك وابك تبك وحدك"،فالحياة تضحك لمن يضحك لها او العكس مقبول.
لنعد كم من يوم ضحكنا فيها من قلوبنا؟ وكم من يوم ابتسمنا للحياة؟ كم من يوم عشناه فرحين؟
وفي المقابل، فلنعد كم من مرة بكينا حزننا وغضبنا فيها؟ فلنسأل أنفسنا بصدق ولنقارن إذن،والنتيجة ستبهرنا أمر لا شك فيه، فنحن لأسف لم نستفد من هذه الهموم سوى الثقل،ثقل سيقوي عقولنا وهذا ما ستريه لنا الحياة يوما أكيد.
صحيح هنا كفترات عصيبة تمر على الإنسان تؤلمه وتحطمه أحيانا والصمود فيها يعد أمرا صعبا،لكن لما لا نحاول تجاوزها والتخلص منها لما لا نرمي بها في غياهب النسيان،فالتفكير فيها لن ينفع في شيء سيضرنا أكثر مما سينفعنا، فلنرغب إذن في التخلص منها لأن الرغبة في حد ذاتها تجاوز لها.
علينا أن لا نأخذ الحياة محمل الجد، ففي النهاية هي فانية،لأنها بذلك قد تتحول هذا إن لم تتحول إلى أكبر هم لنا،  هم سيؤلمنا وسيحاصرنا، ستكون هي الغيمة التي تهددنا دوما في انتظار ما ستمطره يوما هذا إن أمطرت ولنتذكر قول الشاعر:
/ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء

http://tfraout.blogspot.com/
فسحقا لهمومناااا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت