التخطي إلى المحتوى الرئيسي
لا أعتقد أن أي من القراء الأعزاء لم يسمع بهذه المقولة، وللتذكير فقط فقد نطق بها رستم باشا نائب رئيس الجمهورية بمسرحية الفنان المصري الكوميدي عادل إمام المعنونة ب " الزعيم " وكانت الغاية عدم الإعلان عن موت الزعيم إلى حين التوقيع على صفقة مع دولة أجنبية لشراء أسلحة قديمة وبيع قطعة أرضية للنفايات النووية، وكان الدهاء السياسي لنائب رئيس الجمهورية يكمن في إحضار " كومبارس " شاءت الظروف أن كان في تشابه تام مع صورة الزعيم المتوفى والغرض التوقيع على الصفقة المشبوهة وتحويل العمولات لبنوك سويسرا والقضاء على المعارضة بتوظيف رئيس جهاز المخابرات لتلك المهمة حينها يوضع سم للكومبارس ويتم الإعلان عن وفاة الزعيم .
ألا يرى مع القارئ أن شاءت الظروف ليتم اقتباس الفكرة المسرحية ولو في إطارها الكوميدي ليتم تطبيقها بشكل حرفي على أرض الواقع لبلد الجمهورية الشعبية الديمقراطية، ألم يصب رئيس الجمهورية الشيخ المسن بوعكة صحية هلل لها الإعلام أنها مجرد نوبة بسيطة سيتم نقله إلى دولة أوربية وسيتلقى بها بعض الفحوصات وسيعود في الحين لممارسة مهامه، كانت الصدمة لصناع القرار أن التوقعات لم تكن معدة بحسابات جيوستراتيجية وإنما أهواء تحكمت فيها المصالح الذاتية الضيقة، أكثر من ستة أشهر من المرحلة الأولى كان شعارها التعتيم الإعلامي ولم تكن سوى  طلعات إعلامية بين الفينة والأخرى لثوان بأبواق الإعلام الرسمي أن الزعيم يتمتع بصحة جيدة وبأنه يقضي فترة نقاهة والحقيقة عكس ذلك فكيف كان الأمر؟
في المسرحية ، إن كان رستم باشا نائب رئيس الجمهورية لم يبدل أي جهد في إيجاد حل لما عرف بأمر شخص شبه الزعيم، فإن حكام قصر جنرالات الحرب قد تكبد معاناة شديدة إلى أن تمكن من صنع " كومبارس " فهللوا، وعلى متن طائرة انتقل للتو بعض أعضاء الحكومة ومعهم كاميرا الأبواق الرسمية ليتم تصوير لقاء الزعيم بهم مضللين الشعب أن الزعيم بصحة وعافية ويمارس مهامه بشكل طبيعي .
المرحلة الثانية ابتدأت في صبيحة أحد الأيام حين تمكن رستم باشا  من إحضار الكومبارس إلى القصر الجمهوري دون أن يفطن إليه أي شخص من اجل إتمام المهمة الموكولة إليه وتم إعداد الاتفاقية المقرر التوقيع عليها بين الزعيم ورئيس الدولة الصديقة .
نسخة طبق الأصل من العملية حين تمكن الجنرالات من إحضار الكومبارس إلى ارض القصر الجمهوري وليس إلى أرض الوطن والغرض من ذلك إعداد إصلاحات دستورية يتم من خلالها السماح للزعيم – الكومبارس من الترشح للانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة وتحديد من له الأحقية في خلافة الزعيم ساعة وفاته ليتم عرض الدستور على الاستفتاء والنتيجة المسبقة معروفة ونتيجة الانتخابات الرئاسية مضمونة ليتم الإعلان عن وفاة الزعيم – الكومبارس ليصبح " رستم باشا وزيمباوي زيمباوي"  الوحيدين بالساحة السياسية .
صدق أو لا تصدق، والشعب الشقيق لو أراد أن يعرف الحقيقة فليعمل على إجراء إحصاء عام للسكان والأكيد أنه سيجد الشعب ينقصه فرد واحد فلا تبحثوا عنه، إنه الكومبارس الذي تم اختطافه إلى داخل أرض القصر الجمهوري ليؤدي مهمة الكومبارس فحقا قد صدق رستم باشا نائب رئيس الجمهورية حين قال " يؤجل موت الزعيم " .

إن المصالح النفعية تحث يافطة لوبي الفساد بحاشية الزعيم لم تكمن يوما ما لتخلق ذاتها بذاتها وإنما من خارج الذات وفي غياب محدد موقعها داخل دائرة الصراع السياسي، ينتعش الأنا كإفراز موضوعي لإدخال هوية الذات في الوهم والخيال بالتالي تتشكل تلك القطيعة الابستيمولوجية بين الذات والآخر، ومهما طال أمد الليل فالأكيد أن الفجر قادم وتستطيعون قطف كل الزهور لكن لن تحولوا أبدا دون زحف الربيع، والأكيد كذلك فإن كان جنرالات الحرب والاستنزاف بغرض الاسترزاق قد  تمكنوا من العثور على كومبارس من داخل الشعب كي يؤدي مهمة الزعيم فالشعب قادر على إنتاج سكرتيرة ملحقة بالديوان قادرة على الاستفراد بالكومبارس وتحسيسه بالأخطار المحدقة بالوطن جراء الدور الذي سيمثله، ومتى تمكن الكومبارس من رفض إتمام باقي المسرحية  سيكون مصير رستم باشا وزيمباوي زيمباوي مزبلة التاريخ لنقول معا ومن خالص قلوبنا للشعب الشقيق بشرى لك ببزوغ فجر الحرية .
http://tfraout.blogspot.com/


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت