مع الغرب حفاظا على مصالح ونفوذ هذا الأخير بالمنطقة.
إن صياغة الدستور هي لحظة تأسيسية في إطار تقاطع السياقات والرهانات وتجابه المواقف، وترفع تحديات كبيرة تتمثل في الاستقلالية الدستورية كاختصاص وككفاءة وطنية تعبر عن الاختيار الحر للمنظومة السياسية، أي حرية صياغة القانون الأساسي، بمعنى الديمقراطية بكل أبعادها ومكوناتها. لكن صياغة الدستور تبقى عملا ناقصا ما لم تقم الورشة التشريعية بدورها كاملا في تنزيل الدستور لكي يكون له مفعول في الواقع1.
فالرهان الجوهري والحيوي في كل التجارب الديمقراطية يرتكز بالأساس على محاولة تنزيل وتأويل الوثيقة الدستورية عرفية كانت أو مكتوبة وفق المبادئ الديمقراطيةالمتعارف عليها كالحرية وفصل السلط والتداول السلمي على السلطة وكذا المشاركة في تدبير الشأن العام… وغيرهامن المبادئ الأساسية التي تصون كرامة الإنسان وتحمي حقوقه وتساهم في تدبير الاختلاف وتحقق العدالة الاجتماعية…
ومند تنصيب “حكومة عبد الإله بن كيران” وعلى امتداد ما يقارب سنة ونصف لا يزال النقاش دائر حول إشكالية تنزيل الدستور، حيث ظهرت فئتين داخل المجتمع، الأولىتتهم الحكومة بالبطء وبالتأويل غير الديمقراطي للدستور وبالتنازل عن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة لصالح المؤسسة الملكية وبالتراجع عن المكتسبات، وتتوسع هذه الفئة مع مرور الوقت دون إخراج القوانين وخاصة التنظيمية منها، أما الفئة الثانية فيمثلها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المتزعم للحكومة، حيث أنه يدافع عن المبادرات والقوانين والإجراءات التي تم اتخاذها ويرجئ التأخر المسجل في تنزيل الوثيقة الدستورية إلى بعض المناوئين للتغيير والإصلاح تحت مسميات مختلفة.
وتفاديا الخوض في الجدل السياسي القائم وتمظهراتهالدلالية في الحقل العام سواء من خلال تبادل الاتهامات والشتائم والاستعانة بمعجم يرتبط بالثقافة الشعبية التراثية، سنحاول التركيز على الجانب القانوني الصرف وذلك من خلال دراسة وقراءة الفصلين (41) و(42) من دستور 2011 على اعتبار تشابه مضمونهما مع منطوق الفصل (19) من دستور 1996 من جهة، ومن جهة أخرى لأهمية الحقول والآلياتوالسلط التي يمنحها الدستور الجديد للمؤسسة الملكية داخل الفضاء السياسي العام من خلال الفصلين المذكورين و أبرزهما حقل التحكيم، وحقل إمارة المؤمنين، التمثلية الأسمى.
إن المحدد الأساسي لفهم وتحليل مدلول وخلفيات تضمين وإدراج الصلاحيات المرتبطة بالحقول المذكورة بالوثيقة الدستورية الجديدة وتجزئتها من طرف واضعيها إلى فصلين عوض فصل واحد كما الفصل (19) من دستور 1996 لتفادي الانتقادات السابقة، يرتبط بالأساسبضرورة وضع هذين الفصلين تحت مختبر ومجهر الممارسة السياسية لمعرفة اتجاهات وميولات الفاعلين(الملك، الحكومة، الأحزاب،…)، وكذا مقارنة مجالات التماس بين هاته السلط في ظل وثيقة 2011.
إن إدراج الفصلين وما يرتبط بهما من صلاحيات واختصاصات كالتمثلية الاسمى واختصاص التحكيم وإمارة المؤمنين يطرح مجموعة من التساؤلاتوالإشكاليات التي ترتبط أساسا بتحديد طبيعة موقع ومكانة كل فاعلضمن هياكل وتركيبة صناعة القرار بالمغرب( الفاعلون الرئيسيون أو الثانويين…)
تعليقات
إرسال تعليق