التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحليل الفصل 42...من الدستور

مع الغرب حفاظا على مصالح ونفوذ هذا الأخير بالمنطقة.
إن صياغة الدستور هي لحظة تأسيسية في إطار تقاطع السياقات والرهانات وتجابه المواقف، وترفع تحديات كبيرة تتمثل في الاستقلالية الدستورية كاختصاص وككفاءة وطنية تعبر عن الاختيار الحر للمنظومة السياسية، أي حرية صياغة القانون الأساسي، بمعنى الديمقراطية بكل أبعادها ومكوناتها. لكن صياغة الدستور تبقى عملا ناقصا ما لم تقم الورشة التشريعية بدورها كاملا في تنزيل الدستور لكي يكون له مفعول في الواقع1.
فالرهان الجوهري والحيوي في كل التجارب الديمقراطية يرتكز بالأساس على محاولة تنزيل وتأويل الوثيقة الدستورية عرفية كانت أو مكتوبة وفق المبادئ الديمقراطيةالمتعارف عليها كالحرية وفصل السلط والتداول السلمي على السلطة وكذا المشاركة في تدبير الشأن العام… وغيرهامن المبادئ الأساسية التي تصون كرامة الإنسان وتحمي حقوقه وتساهم في تدبير الاختلاف وتحقق العدالة الاجتماعية…
ومند تنصيب “حكومة عبد الإله بن كيران” وعلى امتداد ما يقارب سنة ونصف لا يزال النقاش دائر حول إشكالية تنزيل الدستور، حيث ظهرت فئتين داخل المجتمع، الأولىتتهم الحكومة بالبطء وبالتأويل غير الديمقراطي للدستور وبالتنازل عن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة لصالح المؤسسة الملكية وبالتراجع عن المكتسبات، وتتوسع هذه الفئة مع مرور الوقت دون إخراج القوانين وخاصة التنظيمية منها، أما الفئة الثانية فيمثلها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المتزعم للحكومة، حيث أنه يدافع عن المبادرات والقوانين والإجراءات التي تم اتخاذها ويرجئ التأخر المسجل في تنزيل الوثيقة الدستورية إلى بعض المناوئين للتغيير والإصلاح تحت مسميات مختلفة.
وتفاديا الخوض في الجدل السياسي القائم وتمظهراتهالدلالية في الحقل العام سواء من خلال تبادل الاتهامات والشتائم والاستعانة بمعجم يرتبط بالثقافة الشعبية التراثية، سنحاول التركيز على الجانب القانوني الصرف وذلك من خلال دراسة وقراءة الفصلين (41) و(42) من دستور 2011 على اعتبار تشابه مضمونهما مع منطوق الفصل (19) من دستور 1996 من جهة، ومن جهة أخرى لأهمية الحقول والآلياتوالسلط التي يمنحها الدستور الجديد للمؤسسة الملكية داخل الفضاء السياسي العام من خلال الفصلين المذكورين و أبرزهما حقل التحكيم، وحقل إمارة المؤمنين، التمثلية الأسمى.
إن المحدد الأساسي لفهم وتحليل مدلول وخلفيات تضمين وإدراج الصلاحيات المرتبطة بالحقول المذكورة بالوثيقة الدستورية الجديدة وتجزئتها من طرف واضعيها إلى فصلين عوض فصل واحد كما الفصل (19) من دستور 1996 لتفادي الانتقادات السابقة، يرتبط بالأساسبضرورة وضع هذين الفصلين تحت مختبر ومجهر الممارسة السياسية لمعرفة اتجاهات وميولات الفاعلين(الملك، الحكومة، الأحزاب،…)، وكذا مقارنة مجالات التماس بين هاته السلط في ظل وثيقة 2011.
إن إدراج الفصلين وما يرتبط بهما من صلاحيات واختصاصات كالتمثلية الاسمى واختصاص التحكيم وإمارة المؤمنين يطرح مجموعة من التساؤلاتوالإشكاليات التي ترتبط أساسا بتحديد طبيعة موقع ومكانة كل فاعلضمن هياكل وتركيبة صناعة القرار بالمغرب( الفاعلون الرئيسيون أو الثانويين…)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مختصر تفسير الحزب الأول... سورة البقرة الجزء الأول

الجزء الأول من القران: هذا الجزء مكون من ثمانية أرباع: - ربع الحزب الأول: يتكلم عن أصناف الناس وكأننا نستعرض الأصناف الموجودة على هذه الأرض والتي سيكلف أحدها بالإستخلاف. - الربع الثاني: أول تجربة إستخلاف على الأرض: آدم عليه السلام. - الربع الثالث إلى السابع: أمة استخلفها الله على هذه الأرض لمدة طويلة وفشلت في المهمة، بنو إسرائيل.  - الربع الثامن والأخير: تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام الناجحة في الإستخلاف.  تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض. ثم بنو إسرائيل: نموذج فاشل، فهم أناس حملوا المسؤولية وفشلوا، وتستمر السورة في ذكر أخطائهم لا لشتمهم ولكن ليقال للأمة التي ستستخلف: تنبهي من الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها الأمة التي قد سبقت في الاستخلاف! وآخر ربع يضرب الله به المثل بالتجربة الناجحة لشخص جعله الله خليفة في الأرض وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. ويكون الترتيب هذا منطقياً، فبدأَ بآدم التجربة الأولى وختم بالتجربة الناجحة لرفع المعنويات وبينهم التجربة الفاشلة، للت
"ميسرة المطغريّ" (أو المدغريّ) بطلٌ أمازيغيٌّ، رفض الانصياع للعرب الفاتحين، ما جعلهم يصفونه في كتب تاريخهم بالحقير، والخفير، والفقير، والسقّاء. ولربّما ترجع هذه الألقاب إلى كون "ميسرة" ينحدر من عائلةٍ فقيرةٍ، وأنّ أباه، أو هو نفسه كان سقّاءً يبيع الماء في الأسواق (E. L?vi-Proven?al). وقد أجمع أكثر المؤرّخين (العرب طبعاً) على تلقيب ميسرة بـ "الحقير"، على الرغم من أنّه لم يكن في حياته حقيراً؛ فقد كان ـ كما يقول ابن خلدون ـ شيخ قبيلته والمقدّم فيها؛ وكان من خوارج المغرب الصفريّة، من مدغرة أو (مطغرة)، وهي بطنٌ من زناتة. كما كان من أتباع المهلّب بن أبي صفرة (أو من أتباع زياد بن أبي صفرة). وفي العودة إلى الوقائع التاريخيّة، نجد أنّ الظلم الأمويّ كان من الأسباب المهمّة في بحث المسلمين عموماً عن أفكارٍ ثوريّةٍ تُشرّع لهم مواجهة الظّلم والتعصّب القوميّ والقبائليّ، وهو ما تُظهره تجربة البربر في الغرب، حين مالوا إلى الفكر الخارجيّ، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع السلطة الأمويّة، وبعد الإجحاف الذي طالهم، إثر دورهم الرئيسيّ في فتح الأندلس، وفي تثبيت